الخاطرة (1)
البداية والنهاية في الشيء ونقيضه
خلق الله الانسان في أول الزمان ووضع معه الشئ ونقيضه , فوضع معه الخير والشر والجنة والنار والنفس اللوامة والنفس الامارة بالسوء والضمير والشيطان والجنة والنار.
فالله سبحانة وتعالى خلق أدم في الجنة وقال له ولزوجته اسكنا فيها (بسم الله الرحمن الرحيم) "قلنا يا أدم أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا منها حيث شئتم رغدا ..." , ولكن الله سبحانة وتعالى يعلمنا في هذه القصة عبرا وتأملات عظيمة.
فاذا نظرنا وتأملنا عرفنا بأن الله تعالى يعرفنا بأن الجنة والجزاء الحسن لايكون الا بعد النجاح و التخطي من الابتلاء والاختبار الذي يثبت الله به بأن المؤمن يحب الله ويسعى بكل ما خلقه الله به ارضاءا وحبا لله هناك تكون الجنة والجزاء الحسن ورحمة الله تكريما للمؤمن (بسم الله الرحمن الرحيم) "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين".
فالله عز وجل جعل الاختبار ليس لأدم وحده ولكن لكل البشر , فالله تعالى يعلم بكل ما حدث من قبل أن يحدث فهو جل جلاله كان يعلم بأن إبليس سيوسوس أدم ويوقعه في معصية الله وأنه سبحانه وتعالى سيتوب على أدم ولكن بعد أن ينزله في الارض ليشقى فيها ويسعى فيها بشقاء للبقاء على الحياة بعد ان كان في نعيم ليس قبله شقاء ,والدليل على ذلك قوله تعالى في أول الايات (بسم الله الرحمن الرحيم) "وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة" اذا فان الله سبحانة وتعالى قد جعل أدم (عليه السلام) خليفة للارض قبل ان يسكنة الجنة وذلك لانه سوف يخلفها بعد ما حدث من الاحداث ,فهنا يرينا الله عز وجل أن ابتلاء أدم لم يكن محدثا من الامر ولكن الله سبحانه وتعالى قد كتبه وكان يعلمه وهو علام الغيوب و يريد ان يعلم أدم وبني أدم أن النعيم والجنة لن تنال الا بعد النجاح في الابتلاء والاختبار , فالجنة خلقها الله وملكها لادم وذريته في أول الامر ولكن الانسان نفسه الامارة بالسوء تجعله يطمع ولا يرضى , فأضاع الانسان ملكه بنفسه الامارة بالسوء .
ومع ذلك مع ان الانسان هو بنفسه الذي أضاع ملكه الا ان الله رحيم به ورحمته وسعت كل شئ لذا فانه قال لادم وبنيه بانه اعد له خيرا منها جنات تجري من تحتها الانهار وفردوس ودرجات ودرجات ولكن لمن؟؟ لمن أمن وعمل صالحا وسعى لله وحده وجعل كل عمل خير<<كل عمل صالح>> خالصا لوجهه الكريم , ليس من أجل منصب أو امرأة او مال اي متاع من متاعات الدنيا التي خلقها الله ليبتلي بها الانسان فإن لم يعطي لها الانسان اعتبارا وجعل عمله لوجه الله الكريم نجح في اختباره وان زاغ قلبه معها تدحرج فيها حتى هوى في قعرها وخلد فيها ولم ينجوا منها.
وتعالى بنا يا أخي في الله وحبيبي في الله ورسوله وهلم بنا ننظر ونتفكر ونتأمل في جزاء الله للمخلصين في حبه كيف تكون رحمته بهم , فيوم القيامة سوف يفصل الله بين كل ما هو خير ونقيضه من كل ما هو شر ويذبح بينهما حبش فيظل المتاع وكل ما هو خير مع المؤمنين المخلصين في الجنة ويظل الشقاء وكل ما هو شر مع العاصين المفسدين في النار , فهنا يكون المتاع الابدي -وعدنا الله وايكم- حقا انه المتاع الحق ,فليس هناك ضغينة وليس هناك نفس أمارة بالسوء وليس هناك كره وحقد وفشل وو..الخ, انما هناك الحب ليس معه الكره الطمأنينة ليس معها الخوف وغيرها وغيرها من المتاع ((الابدي الذي لا نهاية له)) جزاء لارضاءك بالله , فهنا رحمة الله الحق , رحمة الله التي تسع كل شئ -رزقنا الله واياكم بها-
يا أخواني الا تتأملون , نحن هنا في الدنيا التي مهما علونا فيها فهي مازالت دنيئة فهي الدنيا , الا تتفكرون في قول الله تعالى في الحديث القدسي بأن الدنيا لاتسوى عند الله جناح بعوضة ولو سوت ما أعطى فيها الكافر شربة ماء
انها حقا حقيرة ودنيئة , فالكافر يلهو ويسعى للعلو فيها بشتى السبل ويظن انه حقق كل شئ يتمناة ولكن في النهاية يكتشف بأنه كان يسعى ورأ السراب الذي لا أصل له , فهي لا تسوى عند الله شئ بالنسبة لمتاع ونعيم وجنات الاخرة.
أفلا يا أخي تستغل هذه اللحظات بل وأقل من اللحظات في هذه الدنيا –بالنسبة للاخرة فهي أبدية- الا تجعلها خالصة لوجه الله الكريم
ألا تجعل الدنيا كشجرة في طريق سفرك وقفت عندها لتستظل بها وتستعيد بها طاقتك لتكمل رحلتك الى الاخرة وأنت معد عدتك لتصل الى الجنة بسلام
أم انك ستسعى في هذة الدنيا من أجل ان تعلوا فيها وتعلوا كصاعد جبل الجليد الذي كان يرى قمة الجبل فينظر اليها ويقول هذه هي غايتي فظل يصعد ويحاذر من كل الخواطر التي يظن انه سيلقاها وهو يصعد فيحذر من ان ينجرف عليه حجر وويحذر من ان يعلق في الطريق الى القمة وظل يحاذر ويحاذر من كل المخاطر التي يتخيلها بذهنه (مثل الذي يسعى في الدنيا فيحذر من الخسارة ويحذر من المرض ويحذر من كل شئ يعوقه من ان يصل ويعلوا لذاته ونفسه فقط ولكنه يأمن مكر الله) فإذا بهذا المجازف المغامر الذي يسعى لهدفه وغايته فوق قمة هذا الجبل يصل لقمته ويظن انه قد نال كل شئ اذا به يأتيه مالا يتوقعه ألا وهو ان الجبل قد انهار به (حقا فان الموت يغفل عنه كل انسان ملهي عن الله وعن السعي لارضاء الله).
انها حقا هذه هي الحياه لن ينجوا من الموت فيها أحدا ابدا مهما طال العمر أو قصر
فهلم بنا نسعى أخي المسلم الى بئر الماء وليس السراب , هلم بنا نسعى الى ظل الشجرة الحقيقي وليس السحاب الزائل المتناثر ,هلم بنا نسعى الى الحقيقة وليس الزيف , الا فهلم بنا نسعى الى النعيم الابدي في الاخرة وليس المتاع الزائل في هذة الدنيا الدنيئة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق